قصة العابد والمجذوب قصة أكثر من رائعة
قصة العابد والمجذوب قصة أكثر من رائعة … يقدمها لكم قسم ” قصص قصيرة “، وهي من نوعية القصص الفلسفية التي تحمل بين سطورها معاني عظيمة، قد لا يشعر بها الكثير منا، إما بسبب تفكيره القاصر، أو بسبب عدم التأمل العميق في حقيقة الأشياء.
فهناك عدد لا يستهان به من الناس، ينظر للعبادة على إنها أداء واجب، سوف يحول بين المرء ودخوله النار والعياذ بالله، ولكن هناك معنى أعمق من هذا بمراحل، والغريب أن من أدرك هذا المعنى العميق، هو إنسان فقد عقله في نظر كل الناس، فهيا معًا نبحر في عمق هذه القصة الجميلة.
لقاء العابد والمجذوب الغير متوقع :-
- ذهب الأستاذ جمال مثلما يفعل في كل صلاة، إلى المسجد في توقيت الصلاة، لكنه هذه المرة ذهب وهو مهموم.
- فقد حضر أمس جنازة زميله في العمل، وقد كان قلبه حزين وفي نفس الوقت خائف ومضطرب.
- وما أن فرغ من الصلاة حتى جلس في مكانه، وقد تسللت الدموع إلى عينيه وانهمرت، فرفع يده بالدعاء.
- وبمنتهى التضرع والخوف كان يردد ويقول : يا الله يا ارحم الراحمين، لا تجعلني من أهل النار.
- أني أحتاج أن تترفق بي يارب، وقني عذاب نار جهنم، ولا تجعلني من المعذبين.
- يارب أنني لا أملك قوة أتحمل بها نار جهنم وعذابًا عقابًا على ذنوبي، يارب خلقت جلدي.
- وأنت أعلم بمدى ما يتحمله، خلقت عظمي وتعلم ما مدى هشاشته أمام نار جهنم، يا الله طمأن قلبي الخائف.
- كان الأستاذ جمال يبكي بحرارة، وبينما هو كذلك، فإذا بأحد المجاذيب يجلس بجانبه في المسجد.
- ( المجذوب هو شخص يعتقد الناس إنه مجنون ولكن من نوع خاص، وفي الغالب يسمح له في بعض المساجد بأن يجلس وأحيانًا ينام لأنه شخص أصبح غير مكلف ).
- أخذ المجذوب يضحك بصوت عالي جدًا على ما سمعه من دعاء الأستاذ جمال.
حوار العابد والمجذوب والمعنى العميق :-
- نظر الأستاذ جمال بجانبه، فقد لفت نظره أن هناك من يضحك على ما يقول، وهنا التفت غاضبًا ليرى من الذي يضحك ولماذا ؟.
- وعندما نظر رأى ياقوت ! هذا المجذوب الذي يجلس أمام المسجد طوال اليوم، وبدون أن يسأل أحد شيء.
- يجد من يشتري له طعام ويأتي له بشراب، وهنا نظر له أستاذ جمال دار بينهم أعمق حوار، والذي يحمل بين السطور معاني عميقة وعظيمة.
- أستاذ جمال : على ماذا تضحك يا ياقوت ؟!
ياقوت : أقول لك ولا تغضب مني ؟
أستاذ جمال : وهل ستقول شيء يغضبني يا ياقوت ؟ عامًة لا تخف وأجب.
ياقوت : دعائك هو السبب الذي جعلني أضحك من قلبي !
الأستاذ جمال : تعجب الأستاذ جمال من هذا الكلام، وسأله – وهل في الدعاء إلى الله ما يستدعي الضحك ؟
ياقوت : ليس الدعاء هو ما جعلني أضحك، بل من خوفك الشديد من النار فقط !
أستاذ جمال متعجبًا : وأنت يا ياقوت ألا تخاف من النار ؟
ياقوت بكل ثقة : لم أخاف من النار أبدًا في يوم من عمري ! - أستاذ جمال وقد بدت عليه ملامح التعجب الكبيرة : كيف هذا يا ياقوت ؟ ألا تخاف من ربك تبارك وتعالى ؟.
- ألا تخاف من ذنوبك وعقابه ونار جهنم ؟
- ياقوت مبتسمًا : كيف أخاف من رب رحمن رحيم كتب على نفسه الرحمة، أخاف من نار وهو خالقها ومتحكم بها ؟
- الأستاذ جمال : أنني عندما أبكي في دعائي لله، إنما أبكي خجلاً من ذنوبي، وأعلم إن حاسبني الله تعالى بعدله فقط.
- فالنار هي المأوى، ولكن برحمته وفضله وعطفه، لن يُدخلني النار.
- ياقوت ضاحكًا : أهذا سبب خوفك فقط ؟ يا رجل ليس لديك سبب تبكي من أجله، وانك والله غافل عن ما يدعو للبكاء حقًا.
- أستاذ جمال وقد شعر بارتياح رغم عدم فهمه عن ما يقصد ياقوت : وما هو الشيء الذي يستدعي بكائي.
- ولا أعلمه يا ياقوت، هل من الممكن أن تخبرني به ؟
ياقوت وقد قرر أن يبوح بالحقيقة للأستاذ جمال :
- هكذا الخوف والبكاء يكونا من اللحظة التي سوف نُقابل فيها الملك القدوس، حينما يسألنا عن سبب معاصينا وهو أعلم بها.
- هذا سبب وحده يجعلني أتمني إن كنت من أصحاب النار، أن أدخلها سريعًا والسبب أن رغم كرم الله ورحمته معي عصيته.
- إنما الخجل سيقتلني من أرحم الراحمين، أتعلم أنني عبدت الله حبًا وتضرعًا له، ويقيني أن الجنة مكاني الأخير.
- فالله برحمته التي وسعت كل شيء لن يعذبني ! هذا هو يقيني بالله.
- هنا أنصرف المجذوب وترك أستاذ جمال ولسان حاله يقول : لقد أدرك هذا المجذوب ما غفل عنه نحن العقلاء.
الدروس المستفادة من قصة العابد والمجذوب :-
- هكذا العظة من الموت، وعدم الاغترار بالحياة.
- أداء الصلاة من الرجال في المسجد.
- الدعاء دائمًا إلى الله تعالى بكل ما نريد.
- الخشوع والخضوع بين يدي الله تعالى.
- عبادة الله حبًا له تبارك وتعالى، وليس خوفًا من النار.
- اليقين من رحمة الله تبارك وتعالى.
هكذا وصلنا لنهاية قصة المجذوب والعابد الرائعة، والتي تحمل بين طياتها العديد من الدروس المفيدة، نتمنى أن تقوموا بمتابعة موقع ” قصصي “، فهناك مجموعة كبيرة من القصص الجميلة، والتي تم اختيارها لكم لتناسب كل الأذواق.
ونرجو أن تقوموا بعمل مشاركة للموضوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى تصل لكل عشاق القصص القصيرة، وأسرة الموقع ترحب باستفساراتكم واقتراحاتكم من خلال التعليقات.