قصة ذلك الرجل الغريب
تهدف القصص القصيرة إلى إثارة اهتمام القراء، وإمتاعهم، مع زيادة تثقيفهم، وفي هذا المقال، سوف نقدم قصة قصيرة، ممتعة، ومسلية، ويمكن أن نحاكيها لأطفالنا قبل النوم.
ليتعلموها منها الحكمة، والعظة المقصودة منها، وقصة اليوم هي قصة ذلك الرجل الغريب، وسوف نروي أحداث تلك القصة عبر السطور القادمة.
قصة ذلك الرجل الغريب
هذه القصة تكشف عن المعاناة التي يعيشها رجل فقير، يمثل الكثير من الرجال، الذين يسعون للقمة العيش، من أجل العيش في حياة أفضل، وتفاصيلها كالتالي:
تحكي القصة عن رجل، انتفض من فراشه، ليغالب القهر، والفقر، ونفض عن وجه غبار التعب، وذهب ليمارس العمل، في وسط زحام المدينة.
التي يجتاحها الفوضى العارمة في كل مكان، إلى أن وجد مكانًا يمكن الجلوس فيه، ولكنه ضيق للغاية، فجلس فيه الرجل جلسة القرفصاء.
وبينما كان الرجل جالسًا، استند بجسمه النحيل للفراغ، على بقعة من الأرض.
يعلوها الرصيف الذي لا جدران له، ولم يكترث بأشعة الشمس المحرقة، حتى وإن حل عليه الشتاء فلن يهمه لسعة البرد.
وزخات المطر، ولا يعنيه فوضوية المكان، فهو يحارب رغمًا عنه، ورغم كبر سنه.
وظل الرجل يصمد في وجه الرياح، وسط المكان المحمل بالنفايات، والأتربة، جالسًا على الأرض بثيابه المهلهلة.
وجسده الذي تقوس من الزمن، وملامح وجه تبدو غامضة، ويداه هزيلتين، وتملأها التجاعيد.
شاهد أيضًا: قصة الفيل في القرآن
ما الذي يسعى إليه هذا الرجل الغريب؟
جاء الرجل ساعيًا للرزق، ليسد أفواهًا تتشابه مع مناقير الطيور الصغيرة، فهي أفواه تنتظر لتشبع جوعها.
وهو لم يعرف يومًا الوهن واليأس، بل أن جسده ينفض من أجل السعي لسد جوعهم.
ويرفض جسده الاعتراف بالوهن، فليس له اختيار ليعترف بهذا الأمر، فقد عاش كل السنوات الماضية من أجل لقمة العيش.
ويحكي راوي القصة، أنه اتجه إلى هذا المكان الذي يرتمي الرجل بجسده فيه، وسط ما الفوضى.
وهو يراوده شعور بالحيرة، هل ذلك الموضوع يستحق النشر أم لا.
وفي نفس الوقت شعر الراوي، وكأنه أمام سبق صحفي، ويخاف أن يذهب غيره إليه، وينحرم هو من إجراء هذا اللقاء، وحينها سينحرم من السبق الأدبي معه.
وبينما الراوي على بعد خطوات من المكان المعتاد الذي يرى فيه الرجل باستمرار، لم يجده.
فتساءل: هل الشمس ألهبت جسمه؟ أو أنه أصيب بالإعياء؟
أم أنه قرر مغادرة الضجيج؟ ام انتقال لمكان آخر قد يكون أكثر أمانًا وأكثر رزقًا؟.
أم أنه منع من مزاولة مهنته على الرصيف؟
وبينما كانت تراوده هذه التساؤلات، كان الراوي على بعد أمتار من مكان الرجل، ولكن لا وجود له.
وليس هناك أثر حتى لوجوده، أو شيء يدل على مكان تواجده منذ وقت قريب.
فذهب الراوي وسأل صاحب محل كان مجاورًا لمكان تواجد هذا الرجل الغريب، وقد أصيب بالدهشة من إجابة صاحب المحل.
لماذا أصيب الراوي بالدهشة؟
فعلى الرغم من أن صاحب المحل يتكلم بلغة واضحة، ولكن الراوي لم يتوقع أن يسمع ما سمعه من صاحب المحل.
فقال له أن هذا الرجل قد انتقل إلى رحمة الله، ولكن الراوي اندهش بشدة، وحزن بشدة، وتلعثمت كلامه.
وبالكاد استطاع أن ينطق “رحمه الله تعالى”، حتى أنه لم يسأل عن سبب وفاته.
ثم ترك الراوي المكان، ولم يلتفت وراءه، وذهب يتمتم بكلمات غير مترابطة، ولا معنى لها.
وظل يحكي قصة ذلك الرجل الغريب، الذي بالتأكيد كان يحمل قلبًا طيبًا.
فهو مثال للكفاح، والصبر، وأنه من حالفه الحظ، وتلاقى معه منذ أن كان على قيد الحياة بالتأكيد قد يكون تعلم منه الكثير.
ولفت الراوي أن الصبر، والتحمل الذي تحلى بهما الرجل الغريب هي من أولويات هذا الرجل.
والتي لا بد أن تصبح منهاجًا نسير عليه في هذه الحياة، فهو من دروس الحياة البليغة، التي تعلمنا ضروري المضي قدمًا نحو حياة أفضل، ومستقبل مشرق.
اقرأ أيضًا: قصة النبي أيوب للأطفال
الدروس المستفادة من تلك القصة
تشتمل قصة اليوم على عدة مواعظ، وعبر، يمكن أن تؤثر إيجابيًا على سلوكياتنا في الحياة، فالدروس المستفادة منها كالآتي:
- عدم الشكوى، ولعن لقمة العيش، بل أنه يجب مقاومة القهر، والفقر، والنهوض للسعي وراء لقمة العيش.
- يجب على الإنسان أن ينتفض من سباته، ليمارس عملًا شريفًا، يستطيع منه إطعام الأفواه الجائعة.
- البطل الحقيقي، هو من يمارس عملًا شريفًا، حتى وإن تزاحمت الدنيا حوله، وامتلأت بالفوضى، والأجواء الصعبة المرهقة.
- بالصبر، والتحمل، والمطاولة، تصير الحياة ممكنة، والمستقبل أفضل كثيرًا.
- على الإنسان أن يسعى لطلب الرزق، ولا يتحجج بالظروف، فالظروف لا تتغير بالانتظار، وإنما بالسعي لتغييرها.
- الإنسان الراضي بما قسمه الله له سينال الخير في الدنيا والآخرة، وسيعوضه الله الشقاء والعناء الذي رآه.
- على الإنسان أن يغتنم الفرصة، قبل أن تضيع من بين يديه، ويعود يقول يا ريتني بادرت قليلًا.
- الرجولة الحقيقية، تتمثل في من عاش لغيره، حتى وإن ظل يقدم لغيره حتى وإن شاب شعره، وتقدم في عمره.
- الحياة قد تكون ليست عادلة، ولكنها تحتاج من يواجها، ويقف أمامها في صمود، حتى يحقق منها ما يرغبه.
اقر أيضًا: قصة النبي زكريا للأطفال
جديرًا بالذكر، أن قصة ذلك الرجل الغريب، من القصص القصيرة، ولكن تحمل في طياتها معاني جميلة وسامية، فهي تصف مدى شجاعة، وإقدام هذا الرجل العجوز.
الذي تخلى عن راحته في سبيل سد جوع الصغار، ومدى تحمله للمسئولية منذ سنوات، ولم يتخل عن تلك المسئولية، حتى بعد أن صار عجوزًا، وحتى مماته.